انجمن آموزش مکالمه عربی
السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
مرحبا بک في منتدی تعليم العربية للناطقين بالفارسية
يمکنک قراءة المواضيع والتحميل بدون التسجيل. ولکن إذا أردت أن تساهم في المواضيع یجب أن تسجل في المنتدی ويتم تفعيل حسابک من قبل المدير.
مع خالص الشکر و التحية
فریق الإدارة
************
سلام
خـــــوش آمــــــــــــــــدید
برای شرکت در مباحث این انجمن و استفاده از امکانات آن نیاز به عضویت دارید. پس از تایید عضویت می توانید در مباحث انجمن شرکت کنید.
برای دانلود کتابها، درسها، فیلمها، معجمها و نرم افزارهای آموزش مکالمه از وبلاگ انجمن به آدرس زیر استفاده کنید:
http://www.arabiforall.com/
با تشکر
گروه مدیریت انجمن مکالمه عربی
انجمن آموزش مکالمه عربی
السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
مرحبا بک في منتدی تعليم العربية للناطقين بالفارسية
يمکنک قراءة المواضيع والتحميل بدون التسجيل. ولکن إذا أردت أن تساهم في المواضيع یجب أن تسجل في المنتدی ويتم تفعيل حسابک من قبل المدير.
مع خالص الشکر و التحية
فریق الإدارة
************
سلام
خـــــوش آمــــــــــــــــدید
برای شرکت در مباحث این انجمن و استفاده از امکانات آن نیاز به عضویت دارید. پس از تایید عضویت می توانید در مباحث انجمن شرکت کنید.
برای دانلود کتابها، درسها، فیلمها، معجمها و نرم افزارهای آموزش مکالمه از وبلاگ انجمن به آدرس زیر استفاده کنید:
http://www.arabiforall.com/
با تشکر
گروه مدیریت انجمن مکالمه عربی
انجمن آموزش مکالمه عربی

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم)

مشاهده موضوع بعدي مشاهده موضوع قبلي اذهب الى الأسفل  پيام [صفحه 1 از 1]

1التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) Empty التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) الأربعاء 25 يناير - 7:59

یاسمن

یاسمن
شخصیت مهمیه
شخصیت مهمیه
سلام دوستانی که در مورد "تجدید فی الشعر العباسی"مقاله ای کتابی دارند لطف کنند به من معرفی کنند .

التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 772827 التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 54084

http://hajghasemi.persianblog.ir

بغیازی

بغیازی
گروه مدیریت انجمن
بعدالسلام والتحیة
أرجو آن أفادکم المقال التالي :
مظاهر التجدید فی الشعر العباسی

( أ ) التجدید فی الأغراض القدیمة :
ظلَّ العباسیون یَنْظِمون فی الأغراض القدیمة التی كان ینظم فیها الجاهلیون و الإِسلامیون ، و مع التقدم العقلی الخصب ، و الذوق المتحضِّر المُرْهَف ،
سار التجدید فی الشعر العباسی .
و أبرز الأغراض التی جدّد فیها العباسیون :
1 - المدح :
كان الشاعر الجاهلی و الإِسلامی یرسم فی ممدوحه المثالیة الخُلُقیة الرفیعة التی تقدِّرها الجماعة ، و قد مضى الشعراء العباسیون فی مدیح الخلفاء و
الولاة على هذا الرسم ، مضیفین إِلى هذه المثالیة مثالیة الحكم ، و ما ینبغی أن یقوم علیه من الأخذ بدستور الشریعة و تقوى الله و العدالة .
یقول أبو العتاهیة فی الخلیفة هارون الرشید :
وَرَاعٍ یُرَاعِی اللَّهَ فِی حِفْظِ أُمَّةٍ
یُدَافِعُ عَنْهَا الشَّرَّ غَیْرَ رَقُودِ
تَجَافَى عَنِ الدُّنْیَا وَ أَیْقَنَ أَنَّهَا
مُفارِقَةً لَیْسَتْ بِدَارِ خُلُودِ

اضغطوا للمزید ....مظاهر التجدید فی الشعر العباسی
كتاب «التّجديد فی شعرالعصر العباسی الأوّل» منتشر شد

كتاب «التّجديد فی شعرالعصر العباسی الأوّل» منتشر شد

گروه انديشه و علم: كتاب «التّجديد فی شعرالعصر العباسی الأوّل» به
تأليف دكتر «خيريه عچرش» استاديار دانشگاه شهيد چمران اهواز، با موضوعات
شعر عربی، تاريخ و نقد آن منتشر شد.

چاپ اول كتاب «التّجديد فی شعرالعصر العباسی الأوّل» از سوی انتشارات دارالتفسير قم، در 248 صفحه و 1000 نسخه انتشار يافته است.
اين كتاب با موضوع شعر عربی، تاريخ و نقد آن دارای چهار فصل است؛ فصل اول آن در معنای «التجديد»، فصل دوم «مظاهر التجديد فی الشعر العباسی»،‌ فصل سوم «التجديد فی اغراض الشعر و مضامينه» و فصل چهارم «المعانی الجديدة ومنهج القصيدة» است.
التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 54084

http://kakaarabi.blogfa.com/

اسدی

اسدی
گروه مدیریت انجمن
الشعر العباسي بين التقليد والتجديد
مقدمة:
شهد العصر العباسي أكبر نهضة ثقافية في تاريخ الحضارة الإسلامية، بتأثير العكوف على الثقافات المختلفة (فارسية، وهندية، ويونانية) وترجمتها، وانصهارها مع الثقافات العربية في بوتقة الإسلام الذي أصبح حضارة جديدة لتلك الثقافات.
وقد تأثر الشعر بهذه النهضة فتطور تطوراً ملحوظاً شمل الكثير من جوانبه، إلا أن تطوره لا يتفق والنهضة الشاملة التي أحاطت به، ولا يتلاءم مع الروافد الثقافية التي عب منها الشعراء ذوو الجنسيات المختلفة.
وربما أمكن إرجاع ذلك إلى سبب جوهري تتفرع عنه أسباب كثيرة، هذا السبب هو أن الشعر لم يُتح له أن يحيا حياة مستقلة، يتطور فيه التطور الذي تساعده عليه الظروف المحيطة به، لأن مبدعيه لم تُتَح لهم هذه الحياة، فظلوا يدورون في فلك الحاكم أو صاحب النفوذ، ومن ثم حُرموا من الحرية التي لا يزدهر الشعر إلا في ظلها، وجاء نتائجهم الأدبي صدى لما يريده المتبوع.
وكان لهذا أثره على الشاعر الذي جعلته الظروف تابعاً لغيره وجعلت فنه استجابة لما يريده هذا الغير، فليس من شك أن التراث الأدبي سيحتل مكانة عالية في تلك المجالس المعلنة للخلفاء، ومن ثم فلن يتاح للشاعر الاقتراب منها والتمتع بما تفيضه من خيرات، إلا إذا وضع عينيه على حماة اللغة وسدنتها الذين يحتلون الصدر فيها. ولذلك كانت هذه المحافظة الشديدة لدى الشعراء حتى غير العربي منهم لأنه خشى أن يتقدمه الشعراء العرب الأقحاح، سواء أكان ذلك ي تصدر هذه المجالس التي يجب أن تظل العربية فيها قوية مزدهرة، أم في ذيوع شعرهم وجريانه على ألسنة الناس، ومن أجل ذلك كان حرصهم على التعمق في اللغة وسبر أغوارها، وانتقالهم إلى البادية لمشافهة الأعراب والمحافظة على الصورة المألوفة والمرجوة للغة، كما يراد لها عند علمائها الذين شعروا بالمكانة التي يتمتعون بها، فما كان منهم إلا أن بالغوا وتشددوا في المقاييس التي يزنون بها الشعر، واعتبروا "النموذج الشعري القديم" هو المثل الأعلى الذي ينبغ على الشاعر أن يحاكيه ويحذو حذوه، ونظروا إلى التراث نظرة تقديس تحول دون التطور المرجو للشعر([1]). وتباعد بين الشاعر والانفعال بعصره والتعبير عنه. وتسد معظم النوافذ التي تهب منها رياح التجديد.
ومن خلال الصفحات التالية سوف نحاول رصد بعض مظاهر التطور والتجديد في القصيدة العباسية، مقسماً لها في ثلاثة أبواب: الباب الأول سأتناول فيه الفنون والأغراض والباب الثاني موسيقا الشعر والباب الثالث الشكل والمضمون.
متمنياً من الله العلي القدير السداد والتوفيق في تناول هذا الموضوع، وبالله التوفيق،،


أهداف البحث
* معرفة تاريخ الأدب في هذا العصر من خلال دراسة الحياة المختلفة فيه اجتماعياً وسياسياً ودينياً وفكرياً .
* عقد صلة وثيقة بين الطالب والنص الشعري.
* الوقوف على بعض القضايا الجوهرية في العصر.
* ربط الأدب باللغة من أجل تحقيق درجة عالية من الفهم .
* شحذ العقلية الأدبية التقدمية، وصقل شخصيتها النقدية، وذلك من خلال مناقشة حركات التجديد والحركات التقليدية الموجودة بهذا العصر.
* تعلم أساليب نقدية مختلفة في تحليل شخصية الشعراء وظروف العصر؛ لتحقيق أعلى قدر من الفائدة والفهم، وبيان اتجاهات الشعر في العصر العباسي، وأثرها في تطوير الأدب العربي.
أهمية البحث:
تعد قضية التجديد من قضايا الشعر العباسي الخطرة، فهي قضية تطوره وتغير مفهومه وطبيعته وعناصره الشكلية والموضوعية.
وقد اكتسبت هذه القضية أهميتها الخطيرة كونها تحولت إلى مسوغ أساسي لتغير أي من مقومات الشعر، ولا أستثني من ذلك كيان الشعر كله. وصارت عند بعض المتنطعين غاية وهدفاً.
لأجلها "يُسْتَشْهد" بعضهم، وفي سبيلها يعاني آخرون المتاعب ويعللون فقرهم في الجمهور، وبسببها يتحمل فريق ثالث لعنات مجتمعه غير مبال بها. فهو -كما يزعم- يؤصل قواعد الحداثة ويرود التطوير.
وللحداثة والتجديد قامت صراعات كثيرة بين أجيال متوالية في هذا القرن، وما زالت تقوم، تشتد تارة وتهدأ تارة.. وربما تظل كذلك إلى ما شاء الله.
فما الحداثة؟ ولم صارت شغل النقاد والشعراء؟ وهل تستند إلى جذور أصلية في تراثنا الأدبي؟
هذا ما سأجيب عنه في الصفحات التالية..
من الحقائق الثابتة أن ظواهر الحياة البشرية، المادية والفنية، تخضع لتطور دائم عبر الزمن. ونظرة سريعة إلى أية ظاهرة منها في زمنين متباعدين تظهر الفروق الكبيرة بين شكل الظاهرة في الزمن الأول وشكلها في الزمن الثاني، حتى ليصح أن يقال: إن الثابت الوحيد في هذه الظواهر هو التطور.
والشعر ظاهرة فنية عريقة، صاحبت الحياة البشرية منذ فترة مبكرة من تاريخها، وستصحبها إلى ما شاء الله، هذا الشعر لا يخرج عن قانون التطور أياً كان زمانه ومكانه، ولا يمكنه أن يتوقف عن التطور دون أن تتصلب شرايينه وتسكت نبضات الحياة فيه، فالتطور -أو لنقل التغير خشية أن بفهم التطور على أنه الاتجاه نحو الأفضل- خيط دقيق يمتد فيه طوال تاريخه، وقد يدق ويرق في عصر من العصور حتى لا يرى منه إلا أثر بسيط، ولكنه لا يغيب نهائياً، والشعر العباسي -مهما قيل عن ثباته وتطوره- لا يخرج عن هذه الحقيقة. وقد أدركها عدد من النقاد القدماء ورصدوها بمقاييس مختلفة، وجعلوها إحدى قضايا نقدهم التطبيقي حيناً والتنظيري حيناًً آخر، واتخذها بعضهم مقياساً في تقويم العمل الشعري، ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث.




أولاً: الفنون والأغراض
ظل الشعر العباسي يدور في فلك الأغراض الشعرية المعروفة، مع تطوير فرضته ظروف الحياة، ومع تطرق لبعض الأغراض الشعرية الجديدة.
الباب الأول
تطوير الأغراض القديمة

المبحث الاول: المديح

يعتبر المديح من الأغراض التقليدية التي حظيت باهتمام عدد كبير من الشعراء، ويمثل كثيراً من خصائص الشعر الأندلسي، ويمكن تصنيفه ضمن إطارين عامين هما: الأول يتمثل في المدائح النبوية، أما الإطار الثاني فيتمثل في المديح الخاص بأفراد ينتمون إلى الطبقات المتميزة في المجتمع الأندلسي([2]).
ويستبعد أن يكون الشاعر العباسي قد هدف من وراء ذلك إلى تجسيد الفضائل الإسلامية، ليحث الممدوح على الاتصاف بها، لأنه لا يمدح الخليفة –مثلاً- من حيث هو، وإنما يمدحه بوصفه خليفة للمسلمين وموضع آمالهم. فكأن الشاعر يرفع أمامه الشعارات التي ترديها الأمة في خليفتها، لعله يثوب إلى الرشاد.
وبذلك ظلت المدحة حافزاً للخليفة وللأمة على التمسك بالفضائل والأخلاق المحمودة، لأنها تحمل خصالنا وخصائصنا النفسية([3]).
ونحن نستبعد هذا التصور للمدحة في العصر العباسي، لأن فيه تحميلاً للأمور أكثر مما تحتمل، وإتطاقاً لشعر المدح ولشعرائه بما نريده نحن أو نتمناه لا بما عليه الواقع! فالقضية من وجهة نظر الشاعر العباسي أبسط من كل هذا؛ هو يريد من الممدوح أقصى عطاء ممكن، فعليه أن يفتن في تجويد السلعة التي يقدمها إليه، بغض النظر عن مدى الزيف فيها، أو انطباقها على الواقع أو تناقضها معه.
ورغبة من الشاعر في إضفاء لمسات التجديد على مدحته، كان لابد أن يتطرق إلى الأحداث التي عاصرت الممدوح، وبخاصة تلك التي أسهم فيها. ومن هذه الناحية أصبح شعر المدح يقوم بما تقوم به الجريدة في العصر الحديث، واكتسب قيمة تاريخية فوق قيمته الأدبية. ومن هنا كانت كثرة الاستشهاد به الكتب التاريخية([4]). ويمكن أن يون لهذه الأحداث في حد ذاتها مذاقها الإسلامي لدى الشاعر وإثاراتها الدينية لوجدانه.
ومن أبرز الشعر الذي تتضح فيه هذه الظاهرة، الشعرُ الذي مدح به الشعراء الأبطال والقواد الذين قادوا الجيوش الإسلامية في معاركها المظفرة ضد الأعداء. فقد أشادوا إشادة رائعة بكل معركة خاضوا غمارها. وكل حصن اقتحموه، وبذلك لم تعد قصائدهم مديحاً فحسب بل أصبحت تاريخاً أدبياً لما وقع في العصر من أحداث. وكتب التراث مليئة بمثل هذه القصائد ولعل من أبرزها بائية أبي تمام في فتح عمورية:

السيف أصدق أنباءً من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب


فتح تفتح أبواب السماء له وتبرز الأرض في أثوابها القشب


تدبير معتصم بالله، منتقم لله، مُرتقبٍ في الله مرتغب

تلك القصيدة التي تكاد تكون ملحمة للبطولة، وتجسيداً للقائد الذي يهب نفسه فداء لأهداف أمته.
وقبل أبي تمام صور على بن جبلة بطولة "أبو دُلَف العجْليّ" قائد المأمون المشهور، بقوله([5]):
المنايا في مقانبه
والعطايا في ذرا حُجَره
وزحوف في صواهله
كصياح الحشر في أَمَرِهْ
قُدْتَه والموتُ مُكتمِنٌ
في مذاكيه ومُشتجره
صاغك الله أبا دلفٍ
صيغة في الخلق في خيره
كل من في الأرض من عرب
بين باديه إلى حضره
مستعير منك مَكرُمةً
يكتسيها يوم مُفْتخرٍه
وفضلاً عن ذلك شعر الخلفاء منذ وقت مبكر بحاجتهم إلى تدعيم قواعد حكمهم، وإقناع المسلمين بأحقيتهم في الخلافة، وفضلهم على من عداهم من المنافسين. وكان الشعر خير وسيلة لتحقيق ما يريدون، وتبارى الشعراء في الإشادة ببني العباس، والإزراء بالعلويين المنافسين تلهفاً على عطايا الخلفاء المسرفة.
ولذلك فلن ندهش كثيراً إذا ذكرت الأخبار أن المهدي قد أعطى القائل "أبو دلامة" أربعة آلاف درهم، وبعد أن استحسن الخليفة شعره، علم أنه أنجب ابنة، فسأله: وماذا تريد أن أعينك به في تربيتها أبا دلامة؟ قال: تملأ هذه يا امير المؤمنين وأشار إلى ثياب معه جهزها لذلك. فقال: وما عسى أن تحمل هذه؟ قال: من لم يقنع بالقليل لم يقنع بالكثير. فأمر أن تملأ مالاً. وبلغ ما فيها أربعة آلاف درهم([6]).
ويدخل عليه سلم الخاسر فينشده:
أليس أحق الناس أن يدرك الغنى
مُرجى أمير المؤمنين وسائله
لقد بسط المهديُّ عدلاً ونائلاً
كأنهما عدلُ النبي ونائله!!
ثم ينشده مرة أخرى:
إن الخلافة لم تكن بخلافة
حتى استقرت في بني العباس
شُدَّتْ مناكبُ ملكهم بخليفةٍ
كالدهر بخلِطُ لينه بشماس
ومرة ثالثة يقول:
أفنى سؤال السائلين بجوده
ملك مواهبه تروح وتغتدي
هذا الخيفة جوده ونواله
نفدَ السؤالُ وجودُهُ لم ينفدِ


وكان مجموعة ما أخذه الشاعر على المدحات الثلاث خمسين ألف درهم! فتخيل ما يمكن أن تصله ثروة مثل هذا الشاعر في تلك التجارة الرابحة وبالفعل خلَّف كثير منهم ثروات طائلة ظلت تغري الأجيال التالية من الشعراء بالتكسب بشعرهم، وبيعه في سوق التملق والنفاق.!
وحتى لا يغضب هؤلاء المادحون اللغوين. حافظوا على السنن المتبع لقصيدة المديح في التراث الشعري التي قعدها ابن قتيبة فيما بعد، حاول أن يعلل لها.
ولعل من أهم ما لحق المدح من تطور في العصر العباسي أنه صار لوناً من الأدب السياسي، فأحيا هذا الأدب الذي ازدهر إبان العهد الأموي خلال احتدام الصراع بين المذاهب السياسية المختلفة. وكان ذلك استجابة للتطورات الجذرية التي حدثت.
ويلاحظ على هذا الشعر السياسي ميله إلى الإسراف والغلو، فقد يصل به الحد أن يبتعد بهم عن العقيدة الصحيحة، فرأينا "منصور التمري" يمدح الرشيد فيضعه في منزلة من يسير الكون وفق إرادته، يرفع من يشاء ويذل من يشاء([7]).
أي امرئ بات من هارون في سخط
فليس بالصلوات الخمس ينتفع
إن المكارم والمعروف أرديه
أحلك الله منها حيث تتسع
إذا رفعت امرءاً فالله يرفعه
ومن وضعت من الأقوام مُتَّضعُ


ومن هذا قول أبي نواس في العباس بن عبيد الله الهاشمي"
كيف لا يُدنيكَ من أملٍ
من رسول الله من نفره؟!!


وثمة ظاهرة تجدر الإشارة إليها في شعر المديح هي تفرُّعه إلى أنواع شتى، أو ميله إلى التخصص، بحيث أصبح لكل ممدوح نوع يناسبه من المدح([8]).
كذلك يلاحظ أن شعرالمدح قد اتجه اتجاهاً جديداً حيث مدح الشعراء مدنهم وفضلوها على غيرها.
وعلى الرغم من شيوع البناء التقليدي في قصيدة المدح ترك العصر أثره على كثير من شعره، فلم يتمسك المادح بهذه التقاليد وجدد في الشكل الفني بعد أن بالغ في التجديد في المضمون الشعري.
وكذلك نجد البساطة في الأداء والخفة في الوزن نلمسها في مدح أبي العتاية للمهدي([9]).
أتته الخلافة منقادة
إليه تجرر أذيالها
ولم تك تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لها
ولو راغها أحد غيره
لزلزت الأرض زلزالها


المبحث الثاني
الهجاء
كان التطور محسوساً في شعر الهجاء، الذي يعد الفن المقابل لفن المديح، ولعل السبب في ذلك أن الشعراء كانوا فيه أقرب إلى ذواتهم، فعبروا فيه عن مشاعرهم الساخطة، وذموا من ضاقوا به، أو من لم يحقق ما يريديون. فهم فيه مدفوعون بعواطفه الشخصية، وقد حال ذلك بينهم وبين الافتعال الذي اضطروا إليه في كثير من شعر المدح.
وقد بالغ الشعراء في هذا الفن، حتى ليعد الهجاء السابق عليهم ذا شأن يسير في الإقذاع والفحش بالنسبة لنتاجهم الهجائي، فمهما بلغ الهجاء الجاهلي من العنف، ومهما انحدرت إليه النقائض من تنابز بالألقاب، فذلك شيء يسير بالنسبة ما وصل إليه الهجاء العباسي.
ولا شك أن لضعف الوازع الديني وانغماس الناس في العب من كئوس اللذات أثراً في بذاءة الهجاء والإقذاع فيه. والافتنان في اختراع معانيه الطريفة. فأبو نواس يهجو المفضل بن سيابة بالبخل:
أصبحت أجوع خلق الله كلهم
وأفزع الناس من خُبْزِ إذا وُضِعا
خبز المفضل مكتوب عليه ألا
لا بارك الله في ضيف إذا شبعا
إني أ؛ذركم من خبز صاحبنا
فقد ترون بحلقى اليوم ما صنعا


وقد كان الهجاء المقذع وقع شنيع على نفوس المهجوين، حتى لو كانوا من ذوي اللسان السليط. فعندما هجا حماد عجرد بشارا بقوله([10]):
وأعمى يشبه القرد
إذا ما عمى القرد
دنيء لم يرح يوماً
إلى مجد ولم يغد
ولم يحضر مع الحضا
ر في خير ولم يبد
ولم يخش لسه ذم
ولم يُرْجَ له حمد


بكى بشار من شدة وقع الهجاء على نفسه وإيلامه لها. ولما استكثروا عليه بكفاءه، حاول أن يعلل لذلك بآفته التي تحول بينه وبين رؤية خصمه. ثم سدد سهاماً مُصمِيةً لحماد، وطعنه في مقتل لم يتوقعه:
نهاره أخبث من ليله
ويومه أخبث من أمه
ما خلق الله شبيهاً له
من جنِّهِ طُرّا ومن إنسه
والله ما الخنزير في نتنه
برُبْعه في النتن أو خُمسه
بل ريحه أطيب من ريحه
ومسه ألين من مسه


وفي مقطوعة أخرى يرميه بالقيادة على زوجه، وفسقه وتجديفه:

ما ذاك يا عجرد بيت الخمار


رفيق فساق ومأوى دَعـار


عارٍ من الدين وليس بالعار

ويلاحظ على الهجاء اهتمام شعرائه بالتركيز على الانحراف الديني عند المهجر وشذوذه بل زندقته أحياناً، لأن الانحلال الخلقي الذي عمت بلواه أغراهم بتضمني هجائهم هذه الاتهامات الخطيرة وعلى الأخص الزندقة التي كان كثير من الخلفاء يعاقب عليها.
وخلال احتدام معركة الشعوبية، حاول كثير من الموالي الانتساب إلى أصل عربي، إمعاناً في إضفاء الموضوعية على ذمهم للعرب وذلك كان من المعاني التي اتجه إليها الهجاء في العصر العباسي، السخرية بالأدعياء الذين ينتسبون إلى أصل عربي وما هم بعرب. كقول بشار في أبي عمرو بن العلاء، وكان يُغمز في نسبه:

أرفق بعمرو إذا حركت نسبته فإنه عربي من قوارير

المبحث الثالث
الغزل([11])
خطا الشعراء بالغزل خطوات فسيحة في مجال اللهو والفجور، منساقين وراء الإباحية الزائدة والمجون العابث. بعد انتشار مجالس اللهو والشراب التي امتلأت بالقيان والمغنيات اللائي خلعن ثياب العفة، وغلب عليهن الفجور، وأحاطت بكل شاعر طائفة منهن، فإذا علمنا أن كثيراً من أعلام الشعراء الذين التف حولهم هؤلاء الفاجرات عرف عنه الإغراق في اللذة، والعبُّ من كئوس الشهوات، حتى لقد اتهموا في عقيدتهم، تصورنا الدرك الأسفل الذي انحدر إليه غزلهم الإباحي المستعر بالجشع الجسدي، والرغبة الحيوانية. انحداراً يساعد بينه وبين الغزل في التراث الأدبي المتقدم على العصر العباسي.
وبلغ من حدة هذه الموجة الماجنة، أن يشيع الاستمتاع بالغلمان والتغزل فيهم. تلك العادة القبيحة المزرية بكرامة الإنسان، والتي كانت شائعة بين الفرس، وعمت بلواها المجتمع العباسي على أيدي الفسدة من الموالي، ومن سار على دربهم من الإباحيين والمخنثين.
أي أن الغزل قد تحول في هذا العصر إلى دعارة وفجور واستجابات صارخة لأحط غرائز الإنسان([12]).
ولن نطيل في عرض النماذج الكثيرة التي تجسد هذه الظاهرة، ويكفي أن ننظر إلى ما قاله أبو نواس في التغزل بغلام:
يا بدعة في مثال
يجُوزُ حدَّ الصفات
فالوجه بدر تمامٍ
بعينِ ظبي فلاةِ
مذكَّرُ حين يبدُو
مؤنَّث الخلواتِ


وليس ما يهمنا الآن هو التعليل لتلك الظاهرة بأنها مظهر مألوف في الحضارات الكبرى أو أنها أثر مخ أثار بروز العنصر الفارسي. وإنما المهم هو ملاحظة تناول الشعراء لها، فقد نقلوا إلى "الغلمان" معظم الأساليب الغزلية التي كان يتوجه بها إلى المرأة، حتى ليصعب التمييز بين من يتوجه إليه الشاعر بالغزل لولا الضمير الخاص بالمذكر. وإذا كان هذا اللون من الشعر يمثل انتهاكاً صارخاً لقيم المجتمع من الناحية الموضوعية فإنه من الجانب الفني لم يضف كثيراً إلى التراث الغزلي السابق. فغدا لوناً من الشعر يمثل سمة للأدب العربي وقذى في عيون قارئيه. وكاد صوته الجهير يطمس الأصوات الغزلية المرتبطة بالقيم الحميدة.
وقد عادت الرسائل الغرامية إلى الظهور لدى ابن الأحنف، بل ولدى بشار في صورة أكثر تفصيلاً ودقة مما كانت عليه عند ابن أبي ربيعة:
يقول بشار في إحدى رسائله:
من المشهور بالحب
إلى قاسية القلب
سلام الله دي العـ
ـرش، على وجهك يا حِبِّيَ
فأما بعدُ يا قُرَّ
ة عيني ومنى قلبي
ويا نفسي التي تسكن
بين الجنب والجنب
لقد أنكرت يا عبدُ
جفاء منك في الكُتْبِ


واللافت للنظر أن هذا اللون من الغزل أنه اقتصر ابن الأحنف على "فور" يحاول بشار أن يوهمنا أنه اقتصر أو كاد على "عبدة"، ولكن يبدو أن تلك اللحظات كانت نادرة في حياة بشار. لأن إجادة هذا اللون كانت تقتضي نموذجاً من الشعراء يختلفون عن بشار اختلافاً بيناً، إذ كان الواحد منهم ينأى بنفسه على الصراعات المحتدمة في العصر ويربأ بها عن الارتزاق أمام أبواب الخلفاء.
وفي ختام هذا المبحث (الغزل) تجدر الإشارة إلى أنه من ناحية الشكل الفني كان انعكاساً أميناً لما طرأ على العصر من تطور حضاري، فاستخرج الشعراء للورود لغة يفهمها المحبون.
كذلك ابتعدت لغته عن اللغة الجزلة المعجمية، واقتربت من لغة الناس، وحاكت كثيراً مما يدور في واقع حياتهم.
المبحث الرابع
الرثاء
من الأغراض التي اتسع مداها في هذا العصر، فقد رثى الشعراء الخلفاء والقادة المشهورين، وأجادوا في تأبينهم، وكذلك انتشر لون آخر من الرثاء يتمثل في بكاء الأساتذة والعلماء كما فعل ابن وهبون تلميذ اللغوي الشهير ابن سيده، وتلميذ الأعلم الشنتمري حيث أعجب به بعد أن وفد إلى المعتمد بن عباد والتقى به وحينما توفي رثاه بحرارة من ذلك قوله([13]):
اسمع أمير المسلمين وناصـ
ـر الدين الذي بنفوسنا نفديه
جوزيت خيراً عن رعيتك
لم ترض فيها غير ما يرضيه
في كل عام غزوة
تردي عدد الروم أم تفنيه
تصل الجهاد إلى الجهاد موفقاً
حكم القضاء بكل ما تقضيه
متواضعاً لله مظهر دينه
في كل ما تخفيه أو تبديه


وإلى جانب ذلك ازدهر لون آخر من هذا الفن يمكن أن نطلق عليه "الرثاء المذهبي" حيث كثرت نماذجه في المجتمع العباسي الذي حوى أحزاباً متعددة أهمها الحزب العلوي. وخلال المعارك المتصلة في الصراع بين الحكم العباسي والأحزاب المناوئة له، سقط كثير من الشيعة، فرثاهم الشعراء رثاءً يشف عن الصدق واللوعة المكتومة أمام توالي المحن على رؤوس العلويين.
وهناك لون طريف من الرثاء هو "رثاء الحيوانات الأليفة" كالقطط والكلاب. ولا ندري هل السبب في وجود هذا الرثاء هو الجو المترف المنعم الذي عاش فيه هؤلاء الشعراء، والذي دعاهم إلى التعبير عن مثل هذه المواقف([14]).
المبحث الخامس
الزهد
نتج عن الإفراط في الشعر الماجن نشوء نزعة أخرى مضادة تجلت في شعر الزهد الذي راده أبو العتاهية، وتفرع منه شعر الحكمة وتهذيب النفس بضرب الأمثال وقص الحكايات. واللافت للنظر أن تلك النزعة المضادة لم يختص بها الشعراء الزاهدون، بل وجدناها لدى عتاة الماجنين والعابثين، في تلك الفترات التي يتأملون فيها عبثهم، ويعضون أصابع الندم على ما أضاعوه من عمرهم وفرطوا فيه، حتى فاضت ألسنتهم بالشعر الذي تفاجأُنا نسبته إليهم.
ومن قصائد أبي العتاهية:
الموت مِنَّا قريبٌ
وليس عنا بنازح
في كل يوم نعي
تصيح منه الصوائح
تُشجى القوب وتُبكى
مولولات النوائح
حتى متى أنت تلهو
في غفلة وتمازح
والموت في كل يوم
في زند عيشك قادح
فاعمل ليوم عبوس
من شدة الهول قادح
ولا يغرنك دنيا
نعيمها عنك نازح
وبغضها لك زين
وحبها لك فاضح


المبحث السادس
الوصف
تطور شعر الوصف تطوراً ملحوظاً اختلف فيه كثيراً عن الوصف الجاهلي والأموي. نظراً الختلاف منابعه الحسية مما تقع عليه العين من مظاهر الطبيعة وآثار الحضارات المختلفة، والمعنوية، مما تفتحت عليه العقول من مدركات جديدة([15]).
لقد أصبح وصف الرياض فرعاً يانعاً من فروع الوصف، وحين أقبل العصر الثالث صارت الزهريات من أوسع فنون الشعر، فلم تبق زهرة ولا ريحانة مما تنبت الرياض إلا أشبعها الشعراء وصفاً لها، وافتتاناً في تصويرها.
لقد تحولت خيام الصحراء إلى قصور شامخة، مفوفة بالرخام والبللور، ومحلاة بالذهب، ومحاطة بسياج من الحدائق الغناء، تتوسطها النافورات. ومثل هذا الشعر يعكس ما طرأ على العصر من مظاهر الحضارة ويغرف من معين الرفاهية ظلل الخلفاء العباسيين.
وقد سيطر الوصف على وجدان كثير من الشعراء وبخاصة البحتري الذي وجد فيه متنفساً لأشواقه الفنية. وتلاقياً مع نفسه الحساسة الشاعرة. ولذلك وجدناه في مديحه –وما أكثره في ديوانه!- لا يكاد يجد فرصة للهروب منه إلا تلقفها، حتى كاد ما في هذ المديح من الوصف يقترب مما يحويه من تعداد مآثر الممدوح. فهو في مدحه لصالح بن وصيف يعرج سريعاً على دجلة وما يحيط بشاطئيها من خضر المروج، وما تحمله من قصور عائمة تميلها الرياح يمنة ويسرة:
تريك اليواقيت منثورة
وقد جلل النور ظهرانها
غرائب، تخطف لحظ العيون
إذا جلت الشمس ألوانها
تسير العمارات أيسارها
ويعترض القصر أيمانها

ادامه دارد



اين مطلب آخرين بار توسط اسدی در الخميس 26 يناير - 19:21 ، و در مجموع 3 بار ويرايش شده است.

http://www.arabiforall.com

اسدی

اسدی
گروه مدیریت انجمن
البحتري والعودة إلى المحافظة على عمود الشعر
الوصف:
كان هذا الفن على رأس الفنون التي أجاد فيها البحتري، ووصل به إلى مرتبة
عالية من الإجادة. ولكن هذا الوصف يظل –في رأي بعض النقاد- وصفاً حسياً
دلالتها المباشرة، وتعجز الصور عن حمل الدلالات الإنسانية؛ فموصوفاته تظل
جامدة وألفاظه لا تشدنا إلى جو وجداني رحب يختلط فيه بعالم الحس، كما يفعل
ذلك الشعراء الوجدانيون الذين يتخذون من الطبيعة مسرحاً يعرضون عليه خبايا
نفوسهم([16]).
ذلك أن وصف البحتري ليس كله تصويراً فوتوغرافياً، بل كثيراً ما يتجاوزه إلى
خلطه بأحاسيسه وامتزاجه بها، أو بعبارة أخرى كان البحتري في وصفه يرى
الأشياء رؤية خاصة تمر خلالها بمشاعره، وتمتزج بها، وتحمل أثراً من اهتزاز
تلك المشاعر، فهو عندما يصف إيوان كسرى يتجاوز الوصف إلى تجسيد إحساسه
وشعوره إزاء ما يصف، ففي تصويره لما في الإيوان من مناظر، فيها "أنو شروان"
مرتدياً زيه، متقدماً جنوده يخوضوه المعركة ضد الروم –يبين تأثير ذلك على
شعوره، فهو يكاد يرى الحياة تدب في هذه الصورة ويتخيل أن ما أمامه أجناد
حقيقية من لحم ودم، يمد يده كي يراها ويلمسها:
فإذا ما رأيت صورة أنطا
كية، ارتعت بين روم وفُرس
والمنايا مواثلٌ، وأَنُوشـ
وان يُزجي الصفوف تحت الدرفس
في اخضرار من اللباس على أصـ
ـفر يختال في صبيعةِ ورس
وعراكُ الرجال بين يديه
في خفوت منهم وإغماض جرس
من مشيح يهوى يعامل رمحٍ
ومليحٍ من السنان بترس
تصف العين أنهم جِدُّ أحيا
ء، لهم بينهم إشارة خرس
يغتلي فيهم ارتيابي، حتى
تتقراهم يداي بلمس




وهل نجد في دعم ما نحن بصدده أقوى من تلك القطعة الرائعة في وصف الربيع
الذي بشر بمقدمه انبعاث الحياة وسريانها في شتى مظاهر الطبيعة، حتى غدت
معرضً زاهياً للجمال، وعم البشر كل مظاهر الكون([17]):
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحُسن حتى كاد أن يتكلما
وق نبه النيروز في غسق الدجى
أوائلَ ورد كُنَّ بالأمين نُوَّما
يفتقها برد الندى، فكأنه
يبُثُ حديثاً كان قبل مُكتَّمَا
فمن شجر رد الربيع لباسه
عليه، كما نشَّرْتَ وشْيَّا مُنَمْنَمَا
أحلَّ، فأبدى للعيون بشاشة
وكان قذى للعينِ إذْ كانَ مُحرِما
ورَقَّ نسيمُ الريح حتى حسْبته
يجيءُ بأنفاسِ الأحبَّةِ نُعَّمَا





الباب الثاني
ثانياً: فنون أدبية جديدة
لا يقصد بالجدة هنا أن هذه الفنون الشعرية لم تكن كلها موجودة في التراث
السابق على العصر العباسي؛ إذ أن كثيراً منها كانت بذوره موجودة قبل هذا
العصر، لكنها نمت وتطورت واستوت على سوقها، وتحولت عن نشأتها الأولى إلى
صورة متكاملة، وأنمتها العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية في ظل بني
العباس. وإذا كان الشعر التعليمي –مثلاً- من الأغراض الجديدة في هذا العصر،
فإن نزعة الشعوبية والشعر المتعلق بها، لم تكن سوى تطوير لشعر العصبية
التي كانت تسود نزعة منها غيرها من النزعات، تبعاً لاختلاف الظروف، فهي في
العصر الجاهلي عصبية قبلية، ثم وجدنا إلى جانبها في العصر الأموي عصبية
أخرى كادت تغطي عليها هي العصبية السياسية والمذهبية، أما في العصر العباسي
فقد خفت صوت هاتين العصبيتين، وعلا عليها صوت العصبية الجنسية التي نشأت
عنها ظاهرة الشعوبية([18]).
المبحث الأول
شعر السخرية والفكاهة
فقد كان يُسرُ الحياة العباسية ورخاؤها لعند القمة المسيطرة مجالاً لانتعاش
هذا الفن، حيث نزعت النفوس وسط هذه الحياة الصاخبة اللاهية إلى الإعجاب
بأساليب الفكاهة التي تزيد المجلس بهجة وبهجاء.
فمن الشعر الفكاهي الساخر ما قاله دعبل عن ديك له طار من داره، فالتقطه بعض
الظرفاء وأكله. فما كان من دعبل إلا أن شنع عليهم، خاتماً قوله بصورة
هزلية طريفة:
أسر (المؤذن) صالح وضيوفه
أسر الكمي هفا خلال الماقط
بعثوا عليه بنيهو وبناتهم
ما بين ناتفة وآخر سامط
يتنازعون كأنهم قد أوثقوا
خاقان، أو هزموا كتائب ناعط


والحقيقة أن هذا اللون هو الذي تظهر فيه مقدرة الشاعر وقدرته على التشخيص
وصياغة صوره الفنية في أسلوب يتلقفه الناس فيرددونه، على حين أن الهجاء
العادي لا يحتاج من الشاعر المتمرس أكثر من قاموس ملئ بالبذاءة والفحش.
وأخيراً نجد من ألوان السخرية لوناً يلجأ الشاعر فيه إلى تعداد الصفات التي يسخر منها في المهجو، دون ارتباطها بموقف يزيد من فنيتها.
المبحث الثاني
الشعر التعليمي
استحدث الشعراء العباسيون هذا اللون الذي لم تكن له أصول قديمة، وإنما دفع
إليه رقي الحياة العقلية في هذا العصر، وأدى تنوع روافد الثقافة إلى ضرورة
أن يحيط الأديب بقدر وافر منها، وظهرت الحاجة إلى وسيلة تيسر هذه الإحاطة،
فكان أن لجأ الشعراء أو النظامون إلى نظم بعض القصص المعروفة، كما خلفوا
الكثير من المتون المنظومة في كثير من العلوم كالنحو والفقه والمنطق، فضلاً
عن المواعظ التي ركزوها في حكم منظومة يسهل تداولها على اللسان واستقرارها
في الذاكرة.
وكان لأبان بن عبد الحميد فضل إشاعة هذا اللون من الشعر، حيث تنوعت
منظوماته، وشملت القصص والعلوم والسير. فنظم كتاب كليلة ودمنة واستهل نظمه
بقوله([19]):
هذا كتاب أدب ومحنه
وهو الذي يدعى كليلة دمنه
فيه دلالات وفيه رشد
وهو كتاب وضعته الهند
فوصفوا آداب كل عالم
حكاية عن ألسن البهائم
فالحكماء يعرفون فضله
والسفهاء يشتهون هزله
وهو على ذاك يسير الحفظ
لذُّ على اللسان عند اللفظ


ثم انتقل أبان من نظم مثل هذه الكتب الموضوعة إلى وضع الكتب المنظومة في
التاريخ والصوم والصلاة وغير ذلك مما طلبه منه بعض رجالات البرامكة الذين
أجزلوا له العطاء على نظمه لكليلة ودمنة.
والحقيقة أن عد مثل هذا النظم من الشعر فيه كثير من التجوز، فالشعر ليس "هو
الكلام الموزون المقفى"، لأنه يتعامل مع اللغة بطريقة مختلفة تماماً عن
هذا النظم التعليمي، ويعبر عن المشاعر المتصلة بوجدان الإنسان، ويعتمد على
الصورة في تشكيل مضمونه، ويبتعد عن المباشرة والتقريرية، لأن جوهره هو
الإيحاء، وهو في هذا كله يختلف تماماً عن كل تلك المنظومات.
المبحث الثالث
الرثاء الذاتي أو الشخصي
وهو عبارة عن وقفات حزينة زاد من تأثيرها، أن الشعراء رفدوها بثقافاتهم
التي حصلوها من النهضة الفكرية التي شملت كل جوانب العصر، حتى دعتهم إلى أن
يخلعوا الحياة على ما لا يعقل فرثوا المدن التي تنتابها الكوارث، والطيور
والحيوانات التي أحبوها والرياض المقفرة التي طالما نعموا بها وهي فينانة
يانعة([20]).
المبحث الرابع
تمجيد القيم الفاضلة
يبدو أن الشعراء قد ملوا من كثرة إلصاق الصفات الفاضلة -كذباً أو صدقاً-
بالممدوح، وعانوا من الافتعال الذي يتكلفونه في قصيدة المدح ولذلك خصوا
كثيراً من الفضائل التي يمدحون بها بقطع شعرية مستقلة، فتحدثوا عن الكرم
والحلم والحياء، والعفة والصبر، وكذلك وقفوا موقفاً مشابهاً من الصفات
الذميمة التي تواردت في هجائهم([21]).
ووجدنا فكرة التسامح والمسألة تشيع كثيراً وبخاصة لدى الشعراء الذين عرفوا بالزهد كأبي العتاهية، الذي يقول:
كم من سفيه غاظني سفهاً
فشفيت نفسي منه بالحلم
وكفيت نفسي ظلم عاديتي
ومنحت صفو مودتي سلمي

ولقد رزفت لظالمي غلظاً
ورحمته إذ لج في ظلمي


المبحث الخامس
الشعر الوطني
يراد به الشعر الذي قيل في الوطن الذي نشأ فيه الإنسان مدحاً كان أو ذماً
إشادة بما فيه، أو تحسراً على ما كا ينعم به. وهذا الفن الأدبي كان استجابة
لتلك النقلة الحضارية الضخمة من الخيام ومضاربها والصحراء وهجيرها، إلى
القصود المشيدة والحدائق والغناء، والعلائق الاجتماعية المتشابكة، وما إلى
ذلك مما حملته تلك النقلة وأدى إلى الإحساس بالوطنية والشعور بالوطن([22]).
إن الإنسان العربي لم يعد في العصر العباسي يحن إلى بيئة واسعة غير محددة
المعالم كما تتمثل في شبه الجزيرة، بل أصبح حنينه منصباً على هذه المدينة،
أو تلك، التي نشأ فيها، وتشابكت علاقاته الاجتماعية مع أهلها.
ولا يتسنى لنا ذكر شواهد على هذا النوع إلا تلك القصيدة التي قيلت في تصوير
ما حل بالمدينة المنورة قالها الفضل ابن العباس العلوي، حين دخلها محد
وعلي ابنا الحسن بن جعفر ابن موسى بن جعفر (291هـ) فخرباها وعذبا أهلها
يقول منها:
أخربت دارُ هجرة المصطفى
البر فأبكى خرابها المسلمينا
قبح الله معشراً أخربوها
وأطاعوا مشرداً معلونا




الباب الثالث
موسيقا الشعر
بدأ التطور في موسيقا الشعر منذ وقت مبكر إبان انتشار الغناء في الحجاز
وانتقاء المغنيين لكثير من شعر العزل؛ إذ أدى هذا إلى أن يضع الشاعر في
تقديره الجماهير المستمعة لهذا الغناء، وبخاصة إذا أنشدها للتغني، وترتب
على ذلك أن يكون القالب الموسيقي بالغ الرقة، ليسهل تذوقه ويكثر ترداد
الشعر الذي جاء عليه.
وفي الأغاني أمثلة لا تحصى لهذا الشعر الذي يمثل تطوراً واضحاً في موسيقا
الشعر العربي، والذي لا يملك قارئه إلا التجاوب معه والاهتزاز لنغماته،
كهذه المقطوعة لمطيع ابن إياس.
إكليلها ألوان
ووجهها فتان
وخالها فريد
ليس له جيران
إذا مشت تشنَّت
كأنها ثعبان


وقد حقق الشاعر العباسي قدراً كبيراً من التطور بموسيقا شعره، فأضاف إلى
الاستعمالات السابقة للحبور استعمالات أخرى، ونظم على بحر جديد اكتشفه
الأخفش وأضاف إلى بحور الخليل وهو بحر المتدارك.
كذلك عمد الشاعر العباسي إلى البحور الشعرية المهجورة في التراث السابق
عليه، فأحياها، وغدت قوالب موسيقية مألوفة تتسع لكثير من التجار الفنية. من
هذه البحور بحر المقتضب الذي جاءت على وزنه قصيدة أبي نواس([23]):
حامل الهوى تَعِبُ
يستخفه الطرب
إن بكى يحق له
ليس ما به تعب


ومن تجديد الشعراء العباسيين في القافية استخدامهم للمسمطات. التي جاءت
غالباً على بحر الرجز. وهي قصائد تتألف من أدوار وكل دور يتكون من أربعة
أشطر أو أكثر، تتفق كلها في القافية، ما عدا الشطر الأخير. الذي يستقل
بقافية مغايرة، ويتحد في ذات القوت مع الشطور الأخيرة في الأدوار المختلفة.
ولذلك يسمى عمود المسمطة أي محوره الذي يرتكز عليه.
ومن السهل أنه يمكن ترتيب هذه المسمطات ترتيباً آخر تخرج به عن المسمطات،
إلى وزن عادي يتضمن قوافي داخلية، فتصبح لوناً آخر من التجديد لمسناه عند
كثير من الشعراء العباسيين:
سلاف دن كشمس دجن
كدمع جفن كخمر عدن
طبيخ شمس كلون ورس
ربيب فرس حليف سجن
يا من لحاني على زماني
اللهو شاني فلا تلمني


وهذا التجديد الموسيقي باستخدام هذا القوافي استخدمه أبو العتاهية في قوله:

وذوو المنابر والعساكر والحضار والمدائن والقرى


وذوو المواكب والكتائب والنجائب والمراتب والمناصب في العلى

أما المخمسات فهي تتألف من عدة أدوار يتكون الواحد منها من خمسة أشطر
الأربعة الأولى منها متحدة القافية التي تختلف من دور لآخر، على حين أن
الخامس يظل على قافية موحدة في جميع الأدوار([24]).
وقد وصل أمر التجديد في القافية إلى تحرر بعض الشعراء منها تحرراً كاملاً،
وهم بذلك يصبحون الآباء القدمات للتجديد الموسيقى الذي طرأ على الشعر
العربي في العصر الحديث والذي تخلص، إلى حد كبير، من القافية التي كان
يراها شعراؤه قيداً يحد من إبداعهم، ويعوق خطواتهم.


الباب الرابع
الشكل والمضمون
للجاحظ عبارة مشهورة ودقيقة يقول فيها (الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من
التصوير) وغنى عن القول أن الجاحظ لا يقصد بالصنعة هنا أن يتكلف الشاعر في
أسلوبه، لأنه يكاد يلهم هذا الأسلوب وقت استغراقه في عملية الإبداع،
وبعبارة أخرى فإن الشكل والمضمون ممتزجان تماماً ولا يمكن الفصل بينهما في
نتاج الشاعر الموهوب، لأن العلاقة بينهما أوثق وأعمق إلى درجة لا تسمح لنا
بالحديث عن مضمون بغير شكل يبرزه ويشف عنه، أو شكل دون أن يكون له محتوى
ومدلول يعبر عنه.
ومن الطبيعي أن يختلف الشكل الفني في العصر العباسي عن التراث السابق عليه،
تبعاً لاختلاف الحياة العباسية عما سبقها اختلافاً جذرياً، أدى إلى إدراك
علائق جديدة بين الأشياء لم تكن موجودة أصلاً، أو توسع فيما كان منها
موجوداً. وإلا فهل كان من الممكن أن يصف الشاعر الجاهلي حديث المرأة بقطع
الرياض المتنوعة الأزهار!
ومن حيث الجانب اللفظي للشكل الفني وجدناه يتبلور في تلك الألوان البلاغية
التي كانت تأتي عفواً في الشعر، والتي فصصها البلاغيون المتأخرون وأطلقوا
عليها "علم البديع" ليزينوا به الكلام بعد استيفائه مطابقة الحال وأداء
المعنى بالصورة الملائمة. على حين أن المتقدمين من العلماء والشعراء أطلقوا
البديع على الطريف والمعجب في الأداء الشعري.
وقد أخذ الشعراء يتبارون في الإكثار من هذه المحسنات والعمد إليها عمداً.
أو قل إنهم بدأوا في الفصل بين الشكل والمضمون أو بدأوا في التكلف.
والناحية الأخرى من نواحي الشكل الفني هي الناحية المعنوية التي تتمثل في الصورة الشعرية التي تؤدي بها التجربة الفنية([25]).


المبحث الاول
طرافة الصورة والافتتان فيها
جدَّ الشعراء في استنباط المعاني الدقيقة الجديدة وتصوريها تصويراً فنياً،
حتى غدت بعض القصائد عند نفر منهم –كابن الرومي وبشار- معرضاً لتزاحم هذه
المعاني الطريفة، ومن مثل قول بشار:
يا قوم أُذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً
قالوا بمن لا ترى تهذي فقلت لهم: الأذن كالعين توفي القلب ما كانا


وكانت الرغبة في الافتتان والطرافة باعثاً لهم على تصوير المعاني التي
طرقها الشعراء قبلهم، فيضيفوا إليها ويوسعوا من دائرتها، أو يوجزوا في
لفظها. وبالجلمة فإنهم حاولوا "إعادة خلقها"، إن صح هذا التعبير. فإذا كان
النقاد يستحسنون قول الأعشى:

وكأس شربُ على لذةٍ وأخرى تداويت منها بها

وقد دارت حول هذا الاتجاه الفني معارك نقدية خصبة استحوذت على اهتمام
النقاد، فتناولت كتبهم النقدية العامة –كالشعر والشعراء والصناعتين والعمدة
وأسرار البلاغية وغيرها- قضية "السرقات الأدبية" ودارت حولها معارك أدبية
خصبة، واختلف مفهوم النقاد فيها تبعاً لاختلاف الزمن والثقافة([26]).
وقد أخصبت هذه القضية عدة قضايا أخرى لا تقل عنها أهمية في تاريخ الأدب
العربي كقضية اللفظ والمعنى، والقديم والجديد، هذه القضايا القديمة الجديدة
ظلت مجالاً لاهتمام الباحثين في مختلفة العصور حتى العصر الحديث، في
محاولة من الباحثين المحدثين لاكتشاف التراث الأدبي والنقدي وتقويمه،
والربط بين ماضينا وحاضرنا، لتأصيل نهضتنا المعاصرة، والبعد بها عن أن تكون
نبتاً معلقاً في الهواء، دون جذور راسخة تعتمد عليها، ودون تربة خصبة
تلتقي فيها الروافد الثقافية في الماضي الباقي والحاضر المتجدد؛ فينتج عن
هذا المزج والتفاعل نهضة ثقافية تجمع بين أصالة القديم وطرافة الجديد.
المبحث الثاني
ضرب المثل وبراعة التعليل
ومن ظواهر اتجاه الشعراء إلى الافتتان في تصوير معانيهم إكثارهم من ضرب
المثل وحسن التعليل. وساعدهم على الإجادة في هذا المجال تلك الحركة العقلية
المزدهرة في العصر، وما أحاطت به وهضمته من الثقافات المتنوعة. فكان لابد
أن ينعكس ذلك على أبناء العصر من الشعراء.
ومن نماذج هذا الاتجاه قول أبي تمام:
وطول مقام المرء في الحي مُخْلِقٌ
لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبة
إلى الناس أن ليست عليه بسرمد


المبحث الثالث
استخدام البراهين العقلية
تفرع عن هذه النزعة في التمثيل والتعليل نزعة أخرى تتصل بالمعنى، وهي
استخدام البراهين العقلية للتدليل على ما يريد الشاعر، وبروز أثر الآراء
الفلسفية. نتيجة إقبال الشعراء على الثقافة العلمية التي ملأت جوانب العصر،
لدرجة أن كثيرين منهم شُهروا بشيء آخر غير الشعر: مذهب فلسفي يعتنقه، أو
اتجاه من اتجاهات علم الكلام يدافع عنه، أو نحلة من النحل يعتقدها ويتعصب
لها. وقد اختلف تأثر الشعراء بهذه النزعة اختلافاً واضحاً. فوجدنا صوتها
لدى بشار مثلاً، لا يعلو على صوت الشعر، لأنها قريبة من الوجدان الذي ينبع
عنه هذا الفن، ولأنه ظل يركز على التشكيل بالصورة، وعلى الاقتراب من جوهر
الشعر([27]):
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك، لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه
مقارف ذنبٍ مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
ظمئت، وأي الناس تصفوا مشاربه؟!
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه


وقد تطورت هذه النزعة فإذا هي تصبح عند بعض الشعراء –كالمتنبي وأبي العلاء-
مذهباً متميزاً، اقتربوا فيه كثيراً من الفلسفة، بل كادوا يصبحون فلاسفة
شعراء. حتى رأينا أبا العلاء –مثلاً- يبث آراءه الفلسفية في ديوانه الضخم
"اللزوميات".
المبحث الرابع
الإغراب في الصورة الشعرية
كان طبيعياً أن يستمر تطور الشعر العباسي في نفس الخط الذي بدأ السير فيه
منذ فترة مبكرة من حياته. ولذلك وجدناه يتميز بطرافة الصورة الشعرية
والإغراب في الخيال. وهذا ما يمكن التماسه في بعض النماذج السابقة، وفي
كثير غيرها يطول بنا المقام لو حاولنا استقصاءها، فطول الليل على المهموم
صوره امرؤ القيس بالصورة المشهورة "كأن نجومه بكل مغار الفتل شدت بيذبل"
ولكن شاعراً كبشار يحاول النفوذ إلى تصوير بارع يعرضه فيه هذا المعنى بصورة
رائعة، فحيناً يجعل الدهر كله ليلاً مظلماً، وحيناً آخر يرجع السبب إلى
بأسه، وفي مرة ثالثة لا يسلم بما يقال عن طول الليل لأن سهره وأرقه هو الذي
يهيئ له ذلك([28]).
المبحث الخامس
نضج القصيدة العباسية
مضت القصيدة العباسية في التطور، فأصبح الشاعر معنياً بالغوص على أفكاره،
وإجادة ترتيبها، وإحسان تصويرها، كما صار مدركاً لنوع من الوحدة في قصيدته،
وبخاصة إذا قلت أبياتها ونبعت عن تجارب صادقة. فها هو ذا المتنبي بوعيه
العميق يفلسف مشكلة الناس والزمان، فهم يعنون أنفسهم فيما لا يستحق العناء،
وكلهم عضه ناب الدهر، وشملتهم نوائبه:
صحب الناس قبلنا ذا الزمانا
وعناهم من أمره ما عنانا
وتولوا بغصة كلهم منه
وإن سر بعضهم أحياناً
ربما تحسن الصنيع لياليه
ولكن تكدر الإحسانا
ومراد النفوس أصغر من أن
نتعادى فيه وأن نتفانى

واهتم الشعراء في قصائدهم ببراعة مطلعها، فتخيروا لفظه ومعناه، وحاولوا أن
يشعروا فيه بالغرض من القصيدة، واجتمع لنا من وراء ذلك كثير من المطالع
الجيدة. كقول البحتري:

بودي لو يهوى العذول ويعشق ليعلم أسباب الهوى كيف تعلق

وقول أبي تمام الذي ضم إلى براعة المطلع روعة الاستهلال([29]):

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

المبحث السادس
المبالغة والتهويل
من أبرز ما لحق بمعاني الشعر وأخيلته ميل الشعراء إلى المبالغة والتهويل،
وإذا حاولنا تأصيل هذه الظاهرة وجدنا جذورها في تأثير الفرس وطغيان
ثقافتهم، فقد كانوا مولعين منذ القدم بالإغراق في المبالغة، ووجد اتجاههم
هذا صدى طيباً لدى الخلفاء، فاضطر شعراء العرب إلى مجارتهم في ذلك، كيلا
ينفردوا بالتنعيم بما تمتلئ به قصور الخلافة من ألوان المتع واللذائذ. وإذن
أصبح هم الشاعر محصوراً في التفوق على غيره في الإبداع، فإذا لم تسعفه
الحقائق نزع إلى الإفراط والتهويل. وإذا كان المدح قد حظى بالنصيب الأكبر
من هذه الظاهرة، فإنها امتدت منه إلى غيره من فنون الشعر، ويمكن لمسها
بسهولة في بعض النماذج السابقة. ولكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه
الظاهرة قد تطورت بالشعر تطوراً سيئاً، وتحولت به إلى معرض للتلاعب
بالألفاظ، جفت فيه روح الشعر، وسيطر عليه التقليد الذي دخل به إلى كهوف
التحجر والتجمد، طوال قرون كثيرة، ولم يقدر له الاستيقاظ من رقوده الطويل
إلا في العصر الحديث.


نموذج في التجديد
"فن الهجاء لبشار ابن برد"
أكثر بشار من الهجاء وافتن فيه. وساعدته طبيعته والظروف المحيطة به على هذا الافتنان.
فالهجاء يقوم على الإصغار من الناس والحظ من شأنهم، والاعتقاد بضآلتهم، وقد
كانت هذه الصفات من أبرز ما يتصف به بشار، ثم زاد من إنماء موهبته
الهجائية الإحساس بتناقض شعوره الممتلئ بالإزراء على المجتمع، مع الواقع
الذي جعل كثيراً من أفراده أرفع منه منزلة وأعلى مكاناً. ومن ثم تولد في
نفسه الإحساس بكراهيتهم والحقد عليهم. فأخذ في تلمس عيوبهم ونقائصهم
وإبرازها في صورة تستدعي النفور أو توجب المقت، أما هذا الذي دفعه إلى
إصغاء من حوله، فسببه الجوهري شعوره بالضعة التي يحسها، بجانب الطموح الذي
يدفع به دفعاً إلى مقاومة هذا الشعور أنه يشعر بالضعة في نفسه وخلقته وآفته
وأسرته بل وفي جنسه. فدفعته مذلته إلى محاولة الاستعلاء عليها وقهرها
بطموحه الذي هدف من ورائه إلى تغطية كل نقائصه، وبذَّ كل معاصريه.
فقد كان شعره الهجائي من أجود شعره، لا لأنه صادق في إلصاق الصفات الذميمة
بمن يهجوه، بل لأنه يمثل سخطه على الناس، وما يضطره إليه هذا السخط من
ألوان الإسراف وضروب الاعتداء من أجل تجاوز المكانة التي يريد المجتمع
إلزامه بعدم تجاوزها.
على أية حال، كان بشار بتكوينه النفسي مهيأ للإقذاع في الهجاء، فهو منذ
حداثته سليط اللسان، ضيق الصدر بالناس، فهو القائل "الحمد لله الذي ذهب
ببصري، لئلا أرى من أبغض!" متناسياً أيضاً أنه قد حرم من رؤية من يحب!
([30]).
وعندما ينشد أبياته:
وجارية خلقت وحدها
كأن النساء لديها خد
فلما رأيت الهوى قاتلي
ولست بجارٍ لها ولا بابن عم
دسست إليها أبا مجاز
وأي فتى، إن أصاب اعتزم
فما زال حتى أنابت له
فراح وحلَّ لنا ما حرم


يسأله أحد الحاضرين: عن "أبو مجاز" هذا؟ فيرد محتداً: وما حاجتك إليه؟ لك
عليه دين؟ أو تطالبه بطائلة (ثأر)؟. هو رجل يتردد بيني وبين معارفي في
ربسائل !! كما قال كلاماً قريباً من ذلك عندما أعوزته القافية فقال "غنني
للقريض يا ابن قنان" وسئل عمن يكون ابن قنان هذا؟!
وقد وصل به الأمر إلى أنه أصبح يتفكه بالهجاء، وبعده مجلبة لسروره، كما حدث
في البيت الذي خطر له عندما سمع نهيق حمار، واحتاج في قافيته إلى اسم، فمر
به صديقه "تسنيم بن الجواري" فما كان من بشار إلا أن ختم باسمه بيته
الفاحش!
فهو في مقتبل حياته قداتخذ من الهجاء وسيلة إلى القوة والغنى، ثم تطور به
الأمر إلى أن أصبح الهجاء بالنسبة إليه متنفساً لنفسيته الموتورة من
المجتمع، وسلاحاً فتاكاً يرد به على الهجمات الموجهة إليه.
يستمنح أخا الخليفة المنصور "العباس بن محمد بن علي بن عبد الله ابن العباس" فلما لم يمنحه هجاه بقوله([31]):
ظل اليسار على العباس ممدود
وقلبه أبداً بالبخل معقود
إن الكريم ليُخفي عنك عسرته
حتى تراه غنياً وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل
زُرْقُ العيونِ عليها أوجه سُود


وظل هكذا طوال عمره ينفث سمومه الهجائية في كل اتجاه. والسبب الحقيقي لقتله
عندما أصابت المهدي ووزيره، فاتخذا الزندقة ذريعة إلى ذلك. وقد كانت هذه
التهمة من أمضى الأسلحة في الانتقام من الخصوم، وربما اتهم بها كثيرون صحت
عقيدتهم. ويعجب المرء: كيف خفيت زندق بشار –إن كان زندقياً- على قاتليه،
وهو الذي عمر طويلاً، وتعرض للدين كثيراً وبالغ في المجون والتهتك؟!!
اللهم إلا أن يتصدى له من هو أقدر منه على الفحش والإقذاع، فهنا يكف بشار
مرغماً فتهدد الصانع بالهجاء، ولكنه أقلع بعد التهديد، وابتسم ليخفي غيظه
المكتوم وصفق بيديه، قائلاً: "اللهم اخزه، أنا أمازحه وهو يأبى إلا الجد!".
بل لقد وصل به الأمر أن استضعفه بعض الشعراء واستذلوه وأجبروه على دفع جزية
سنوية. كما فعل معه أبو الشمقمق وهجاه بشعر لا يمكن روايته، فاقتنع بشار
بضرورة أداء هذه الجزية، ليتقي أذاه. وقد استمر أبو الشمقمق طعن بشار في
مواطن ضعفه، واستغلالها لإذلاله وابتزازه، فها هو ذا بمجرد علمه بحصول بشار
على عطية كبيرة، يأتيه زاعماً أنه مر بصبيان فسمعهم ينشدون:
هللينه! هللينه
طعن قِثَّاة لِتينة
ان بشار بن بردٍ
تيسٌ أعمى في سفينة


فيعطيه بشار مئتي درهم قائلاً: "خذه هذه ولا تكن راوية الصبيان يا أبا المشمقمق"
وقريب ذلك تأثره البالغ من هجاء حماد عجرد له "وأعمى يشبه القرد...الخ" ولا
شك أن في موقف بشار شيئاً من الجبن، ولكن هذا الجبن سببه الجوهري حساسية
بشار الزائدة، أو بتعبير أدق شعوره الواضح بالنقص الذي يعانيه في خلقته ومن
آفته!
ويبقى أن بشاراً –فيما عدا مثل هذه المواقف الباردة التي صرعه فيها خصومه-
اتخذ من الهجاء سلاحاً ماضياً أرهب به خصومه فسكنوا عنه، كما جلب به أموال
كثيرين خشوا تطاوله عليهم وخوضوه في أعراضهم.
غير أن هذا الهجاء لم يكن –كما صوره الدكتور طه حسين. خالياً من كل جمال
فني، مليئاً بالقِحَة والسِّباب، لأن كثيراً من هذا الهجاء كان مليئاً
بالصور الرائعة المعبرة بصدق عن نفسيته الموتورة من مجتمعه([32]).
كذلك لم يكن هجاء بشار –كما ذهب الأستاذ العقاد- مجرد جمع لأقبح العيوب، لا
دخل لصاحبه فيه غير نظم المثالب، وكلما أعورته البراعة وصدق الشعور بالغ
في الإقذاع وأفحش في الهجو. ولعل السبب في هذه المبالغة أنها جاءت نتيجة
لمقدمات اقترضها الأستاذ العقاد وحدد فيها مواصفات الهجاء المثالي المطبوع
من أنه "الذي يولد بفطرته هاجياً لا يرضى عن شيء ولا يستريح إلى مدح أحد
ولا يكف عن النقد والعيب كلفّا بهما واندفاعاً إليهما، ثم رأى أن القالب
النظري المفترض لا ينطبق على بشار([33]).


خــلاصــة البحث
ظهر العصر العباسي باهتمام الدارسين، لأنه العصر الذي شهد امتزاج الثقافة
العربية بغيرها من الثقافات، وتحولها إلى ثقافة إسلامية تلبي حاجات الأجناس
العديدة التي اعتنقت الإسلام، فأصبح يمثل بالنسبة إليها حضارة جديدة تضاف
إلى حضاراتها السابقة وتتوجها، كما شهد العصر تطوراً صخماً حققته الحياة
الأدبية.
ويذكر هذا الاهتمام، بتلك العناية الشديدة التي وجهها الباحثون إلى العصر
الجاهي الذي يمثل البذرة المبكرة للعقلية العربية، والتي تعد دراسته ضرورية
لمن يتصدى لدراسة هذه العقلية وتطورها على امتداد الأعصر المتعاقبة. ثم
لما أُضفي عليه من هالة ضخمة جعلته المثل الأعلى للنتاج الأدبي.
ولا يمكن في هذه الدارسة أن تستوعب كل أو معظم القضايا الأدبية المثارة في
العصر، ولا أن نتعرف على كل –أو أكثر أو أشهر- أدبائه. وحسبنا إشارات تعطى
فكرة موجزة عن أدب العصر وبعض أدبائه المتميزين المجددين.


الخـــاتمــة
شكلت نشأة الدولة العباسية منعطفاً حاسماً في الحياة السياسية والاجتماعية
والاقتصادية الفكرية والأدبية للدولة الإسلامية، فنحن نعلم أن الدولة
الأموية كانت دولة عربية إسلامية في حين كانت الدولة العباسية أعجمية
إسلامية.
ومن الطبيعي بعد ذلك أن ترى البذخ ينتشر، وخزائن الدولة تملأ، ولا أدل على
ذلك من قول الرشيد مخاطباً السحاب: اذهبي أني شئت، وأمطري أنى شئت فسيأتيني
خراجك، ولك بعد ذلك أن تتصور هذه الحياة التي كان يتمتع بها الخلفاء
وحواشيهم من الوزراء والقواد وكبار رجالات الدولة، ومن اتصل بهم من
الفنانين شعراء ومغنين، و من علماء ومثقفين.
كل هذه الأحداث والصور أدت إلى بروز مصطلحات جديدة في الفكر الإسلامي من
مثل الشعوبية والزندقة والمجون، والرق والزهد وعلم الكلام والاعتزال، أدت
في مجموعها إلى ظهور كيانات اجتماعية وثقافية وحتى اقتصادية بحكم ما بلغته
هذه الدولة من تعقيدات في أنظمة السياسة والحكم.
ولا نجد ضيراً بعد ذلك في تأكيد أثر هذا كله في الشعر العربي العباسي، فعلى
الرغم من أن البادية كانت ما تزال تمد الحاضرة بكثير من الشعراء ذوي
السليقة السليمة، وعلى الرغم من تمسك اللغويين بالشعر القديم تمسكاً
شديداً، إلى أن مشيئة التطور كانت الغالب لنرى بعد ذلك تيارات من التجديد
قادها أبو نواس وأبو تمام وبشار ومن لفّ لفهم.
وبذلك نقف الآن أمام شعر لا عهد لنا به من قبل. من حيث الشكل والمضمون
فالسقطات كثرت والأوزان تلاعب بها الشعراء، واللغة لم تعد عربية أعرابية
وفشا اللحن وظهرت مذاهب في الشعر وأصناف، كل ذلك أدى إلى التجديد في
الموضوعات القديمة كالمديح والهجاء والغزل والوصف، فالمديح ها هنا أصبح
نواة للشعر السياسي بمفهومه المتطور، ومثله الهجاء، وينتج من الوصف والغزل،
شعر الخمريات والغلمان والمجون والزهد وغير ذلك.


المراجـــع
1. حركة التجديد في الشعر العباسي، محمد عبد العزيز الموافي، كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، الطبعة السادسة، 1422هـ - 2001م.
2. الموشح للمخرزباني، تحقيق على البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1965م.
3. في الأدب العربي القديم "عصوره واتجاهاته وتطوره ونماذج مدروسة منه،
محمد صالح الشنطي، المجلد الثاني "العصر العباسي والأندلسي" دار الأندلس
للنشر والتوزيع، حائل، الطبعة الثانية، 1417هـ-1997م.
4. العصر العباسي الأول، شوقي ضيف، دار المعارف، الطبعة السادسة عشرة، 2004م.
5. ابن المعتز: طبقات الشعراء تحقيق عبد الستار فراج، الطبعة الثالثة، دار المعارف، القاهرة 1976م.
6. العقد الفريد، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1965م
7. الشعر والشعراء، تحقيق الأستاذ أحمد شاكر، الطبعة الثالثة، القاهرة 1977م.


([1]) الموشح للمخرزباني، تحقيق على البجاوي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1965، ص384.

([2]) في الأدب العربي القديم "عصوره واتجاهاته وتطوره ونماذج مدروسة منه،
محمد صالح الشنطي، المجلد الثاني "العصر العباسي والأندلسي" دار الأندلس
للنشر والتوزيع، حائل، الطبعة الثانية، 1417هـ-1997م، ص295.

([3]) شوقي ضيف: العصر العباسي الأول، الطبعة الثانية ص160-161.

([4]) العصر العباسي الأول، ص 172-176.

([5]) ابن المعتز: طبقات الشعراء تحقيق عبد الستار فراج، الطبعة الثالثة، دار المعارف، القاهرة 1976، ص 172-176.

([6]) العقد الفريد، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1965 1/260.

([7]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 86.

([8]) نفس المرجع، ص 88.

([9]) الشعر والشعراء، تحقيق الأستاذ أحمد شاكر، الطبعة الثالثة، القاهرة 1977. 2/798.

([10]) الشعر والشعراء، مرجع سابق، 2/762.

([11]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 99.

([12]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 100.

([13]) في الأدب العربي القديم، مرجع سابق، ص298.

([14]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص110.

([15]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 117.

([16]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 270.

([17]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 272.

([18]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص120-121.

([19]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 126.

([20]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 129-130.

([21]) العصر العباسي الأول، د. شوقي ضيف، ص182.

([22]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 133.

([23]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 143.

([24]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 148.

([25]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 151-152.

([26]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 153-155.

([27]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 159-160.

([28]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 161.

([29]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 162-163.

([30]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 189-190.

([31]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 191.

([32]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 192.

([33]) حركة التجديد في الشعر العباسي، مرجع سابق، ص 193.


منبع:
http://www.7elm3aber.com/vb/t101046.html



اين مطلب آخرين بار توسط اسدی در الخميس 26 يناير - 19:25 ، و در مجموع 2 بار ويرايش شده است.

http://www.arabiforall.com

اسدی

اسدی
گروه مدیریت انجمن
مظاهر التجديد في الشعر العباسي


( أ ) التجديد في الأغراض القديمة :

ظلَّ العباسيون يَنْظِمون في الأغراض القديمة التي كان ينظم فيها الجاهليون و الإِسلاميون ، و مع التقدم العقلي الخصب ، و الذوق المتحضِّر المُرْهَف ، سار التجديد في الشعر العباسي .
و أبرز الأغراض التي جدّد فيها العباسيون :
1 - المدح :
كان الشاعر الجاهلي و الإِسلامي يرسم في ممدوحه المثالية الخُلُقية الرفيعة التي تقدِّرها الجماعة ، و قد مضى الشعراء العباسيون في مديح الخلفاء و الولاة على هذا الرسم ، مضيفين إِلى هذه المثالية مثالية الحكم ، و ما ينبغي أن يقوم عليه من الأخذ بدستور الشريعة و تقوى الله و العدالة . يقول أبو العتاهية في الخليفة هارون الرشيد :
وَرَاعٍ يُرَاعِي اللَّهَ فِي حِفْظِ أُمَّةٍ
يُدَافِعُ عَنْهَا الشَّرَّ غَيْرَ رَقُودِ
تَجَافَى عَنِ الدُّنْيَا وَ أَيْقَنَ أَنَّهَا
مُفارِقَةً لَيْسَتْ بِدَارِ خُلُودِ


و ربما غلا الشاعر المادح ذلك الغُلُوَّ غير المقبول ، الذي لا تجده في القديم و بالصورة التي يقول فيها أبو نواس :
وأَخْفَتْ أهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى إنَّهُ
لَتَخَافُكَ النُّطَفُ التِي لَمْ تُخلَقِ


و لم يقتصر المديح على تلك المعاني و الصور الجديدة ، فإذا كان القدماء قد اختاروا الأوزان الطويلة ، و الموسيقى ذات الإيقاعات القوية و اللغة المختارة ، فإن الشعراء المجدِّدين قد قلبوا الوضع و أتوا بعكس ما هو مألوف من رقَّةٍ في الأسلوب ، و خفّةٍ في اللحن ، و بساطة في التصوير ، كقول سَلْم الخاسر في مدح الخليفة الهادي :

مُوسَى المَطَر غَيْثٌ بَكَرْ
ثُمَّ انْهَمَرْ أَلْوَى المرَرْ
كَمِ اعْتَسَرْ وكَم قَدَرْ
ثُمَّ غَفَرْ عَدْلُ السَّيَرْ

و لم يقتصر المديح على الرجال، بل عداه إِلى مدح المدن المحبَّبة إِلى قلوب ساكنيها ، و هو فنّ يزدهر في الأندلس أيضًا . يقول عمارة بن عقيل في مدح بغداد :
أعَايَنْتَ فِي طُولٍ مِنَ الأرْضِ والعَرْضِ
كَبَغْدَادَ دَارَاً إِنَّهَا جَنَّةُ الأرْضِ
صَفَاالعَيْشُ فِي بَغْدَادَوَاخْضَرَّ عُودُهُ
وَ عَيْشُ سِوَاهَا غَيْرُ صَافٍ ولا غضِّ

2 - الهجاء :
لقد حاول الشعراء العباسيون أن يجدِّدوا في غرض تقليدي آخر ، و هو الهجاء ، و يمكن تمييز لونين منه : هجاء سياسي و هجاء شخصي . و قد امتاز اللونان معًا بالسخرية الشديدة و الإيذاء المؤلم . كما امتاز الهجاء بأنه أصبح شعر مقطوعات قصيرة ، و ليست قصائد مطولة كالتي يتطلبها المديح أو كما كان الهجاء في العصور القديمة . و لم يعد الهجاء القَبَلي كما رأينا في شعر النقائض في العصر الأموي أساسًا لموضوع الهجاء ، بل مال إلى الشعبية و الهزل . و قد شاع الهجاء السياسي في الخلاف الذي وقع بين الخليفتين الأمين و المأمون و انتهى بقتل أولهما . يقول أحد الشعراء من أبيات له في هجاء الأمين :
لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ مَا حَدُّ الرِّضَا
لاَ وَلاَ تَعْرِفُ مَا حَدُّ الغَضَبْ
لَمْ تَكُنْ تَصْلُحُ لِلْمُلْكِ وَ لَمْ
تُعْطِكَ الطَّاعَةَ بِالمُلْكِ العَرَبْ

ومن الهجاء الساخر يقول أبو تمام في وصف بخيل:
قدْ كَانَ يُعْجِبُنِي لَوْ أنَّغَيْرَتَهُ
عَلَى جَراذِقِهِ كَانَتْ عَلَى حُرَمِهْ
إِنْ رُمْتَ قَتَلْتَهُ فَافْتِكْ بِخُبْزَتِهِ
فَإِنَّ مَوْقِعَهَا من لَحْمهِ وَدَمِهْ
و قد ظهر من هذا الهجاء الساخر لون يعتمد على توليد المعاني و استقصائها ، مثال ذلك قول بشار في رجل ثقيل يُسمَّى أبا سفيان :

ربما يَثْقُلُ الجَلِيسُ و إنْ كَا

نَ خَفِيفًا فِي كِفَّة المِيزَانِ
كَيْفَ لا تَحْمِلُ الأمَانَةَ أرْضٌ
حَمَلَتْ فَوْقَهَا أَبَا سُفْيانِ





و كما مدح الشعراء المدن هجوها أيضاً . و ذلك حسب انطباع و خبرة كل واحد منهم بها . فهذا ابن أبي الزوائد أحد شعراء المدينة ، كان قد زار بغداد زمن الخليفة المهدي ، فقال فيها هاجياً :

يَا بنَ يَحْيَى مَاذَا بَدَا لَكَ مَاذَا

أَمُقَامٌ أَمْ قد عَزَمْتَ الحِيَاذَا؟
فَالبَرَاغِيثُ قَدْ تَثُورُ مِنْهَا
سَامِرٌ مَا نَلُوذُ مِنْهُ مَلاَذَا
فَنَحُكٌّ الجُلُودَ طَوْرَاً فَتَدْمَى
وَ نَحُكُّ الصُّدُورَ والأَفْخَاذَا
فَسَقَى اللَّهُ طِيبَةَ الوَبْلَ سَحًّا
وَ سَقَى الكَرْخَ وَالصَّرَاةَ الرَّذَاذَا




3 - الرثاء :
إِذا كانت الدوافع الدينية أو الإنسانية الصادقة هي التي تحفز الشعراء إلى الرثاء ، فإِنهم في هذا العصر أخذوا يرثون لدوافع أخرى كالفكاهة مثلاً .
و لا شك أن إخراج الرثاء مخرج الفكاهة يُعَدّ شيئاً جديداً في الشعر العباسي ، فهذا أحمد بن أبي كريمة يرثي قميصاً له أغار عليه فأر فقرضه ، يقول :

مَا إِنْ تَمَلَّيْتُهُ حَتَّى أُتِيحَ لَهُ

خَفِيُّ دَبٍّ لَطِيفُ الخَطْمِ والأذن
قَدْ صِرْتَ نَهْبَ هُمُومٍ مُذْ أُصِبْتَ بِهِ
حَلِيفَ حُزْنٍ مِنَ البَأْسَاءِوَالعَطَن



و إِذا كان الشعراء مدحوا المدن و هجوها فقد رثوها أيضاً ، وكانت نكبة بغداد أيام الفتنة بين الأمين و المأمون هي الحادثة التي أثارت خيال الشعراء و حرَّكت عواطفهم ، فقد احترقت قصورها ، و حُرقت حدائقها ، و خُربت طرقها ، و قُتِل أهلها ، و هُجِرَت مساجدها إلى أن تولى المأمون الخلافة و بدأ في إعادة الحياة إليها ، و تبعه في ذلك الخلفاء من بعده . يقول عبد الملك الورَّاق راثيًا مدينته :



مَنْ ذا أصَابَكِ يَا بَغْدَادُ بِالعَيْنِ

ألَمْ تَكُونِي زَمَاناً قُرَّةَ العَينِ
أَلَمْ يَكُنْ فِيكِ قَوْمٌ كَانَ مَسْكَنُهُم
وَكَانَ قُرْبَهُمْ زَيْنًا مِنَ الزَّيْنِ
صَاحَ الغُرابُ بِهِمْ بالبَيْنِ فَافْتَرَقُوا
مَاذَا لَقِيت بِهِمْ مِنْ لَوْعَةِ البَيْنِ





4 - الوصف :

لقد شغل الوصف في الأدب الجاهلي و الإسلامي معظم قصائد الشعراء في تصويرهم لمظاهر الطبيعة حيَّة و جامدة ، غير أن الشعراء العباسيين اهتموا بتصوير الجانب المادي من الحضارة الجديدة . يقول علي بن الجَهْم يصف قصراً به نافورة :


وَ قُبَّةِ ملْكٍ كَأَنَّ النُّجُو

مَ تُصْغِي إِلَيْهَا بِأَسْرَارِهَا
وَفَوَّارةٍ ثَأرُهَا فِي السَّمَاءِ
فَلَيْسَتْ تُقَصِّرُ عَنْ ثَارِهَا
تَرُدُّ عَلَى المُزْنِ ما أَنْزَلَتْ
إِلَى الأرْضِ مِنْ صَوْبِ مِدْرَارِهَا







و يقول إبراهيم بن المهدي في وصف زهر النَرْجس :


ثَلاَثُ عُيُونٍ مِنَ النَّرْجِسِ

عَلَى قَائمٍ أَخْضَرٍ أمْلَسِ
يُذَكِّرْنَنِي طِيبَ رَيَّا الحَبِيـ
ـبِ فَيَمْنَعُنِي لَذَّة المجلِسِ




لقد تعدّدت الموضوعات الوصفية ، فشملت جميع مظاهر الحياة عند العباسيين ، حتى إننا نرى الشعراء يسجّلون الحياة داخل البيوت و القصور ، و ما فيها من وسائل اللهو و التسلية ، بل إنهم يَصِفون وسائل الثقافة في عصرهم و أدواتها ، فيصفون الكتب و الخطوط و الأقلام ، يقول كلثوم بن عمرو العتَّابي في وصف الكتب :

لَنَا نُدَمَاءَ مَا نَملُّ حَدِيثَهُمْ

أَمِينُون مَأْمُونُونَ غَيْبًا وَمَشْهَدَا
يُفِيدُونَنَا مِن عِلْمِهِمْ عِلْمَ مَا مَضَى
وَرَأيًا وتَأديبًا وَأمْرًا مُسَدَّدَا
بلا علَّة تُخْشَى و لا خَوْف رِيبةٍ
ولَا نَتَّقِي مِنْهُمْ بَنَانًا ولا يَدَا
فإِنْ قُلْتُ هُمْ أحْيَاءُ لَسْتُ بِكَاذِبٍ
وإِنْ قُلتُ هُمْ مَوْتَى فَلَسْتُ مُفَنَّداً


5 - الزهد :




لقي شعر الزهد في العصر العباسي اهتماماً كبيراً و شُغف الناس بقراءة قصائده و إنشادها و كانت محاولات التجديد فيه أكثر شمولاً و تأثيراً .
لم يَعُد الزهد كما كان في العصر الإسلامي و العصر الأموي مجرَّد مَيْل فِطْري إلى الزهادة و تقوى الله ، أو حالة من حالات الإِيمان يصوِّرها الشاعر ، بل أصبح فكرة يعتنقها ، و تَتَغَلَْغَلُ في نفسه و قلبه ، و يتلبَّس بها شعره ، و لا يكاد يصور سواها من المشاعر و الأحاسيس أو من الصور التي يقع عليها بصره .
و لم تكن دوافع الزهد في هذا العصر دوافع دينية فحسب ، حقيقة كان الدافع الديني أساساً فيها ، و لكن إلى جانب ذلك أصبح يمثل حركة مضادَّة لبعض مظاهر المجون و الزندقة ، التي شاعت في هذا العصر . لقد تحولت حركة الوعظ التي نشطت في مساجد الكوفة و البصرة و بغداد إلى زهد حقيقي ملأ قلوب الناس و أبعدهم عن تيَّارات الانحراف . و عُرِفت عشرات الأسماء التي اشتهرت بزهدها من أمثال : الفضيل بن عياض ، و محمد بن سيرين ، و سفيان الثوري ، و يحيى بن معاذ ، لذلك لم يكن غريبًا أن يظهر مجموعة من الشعراء طغتْ على شعرهم عواطف الزهد و أفكاره . يقول أبو العتاهية :







دَعْنِيِ مِنْ ذكْرِ أبٍ و جَدِّ
و نَسَبٍ يُعْليكَ سُورَ المجْدِ
ماالفَخْرُ إِلا فِي التُّقَى و الزُّهْدِ
و طَاعَةٍ تُعْطِي جِنَانَ الخُلْدِ


و يقول :

فَلاَ تَعْشَقِ الدُّنْيَا أُخَيَّ فَإِنَّمَا

يُرَى عاشقُ الدُّنْيَا بِجُهدِ بَلاَءِ
حَلاَوَتُهَا مَمْزُوجَةٌ بِمَرَارَةٍ
وَ رَاحَتُهَا مَمْزُوجَةٌ بِعَنَاءِ




و من الشعراء الزهَّاد محمود بن الحسن الوراق ، و يظهر أنه كان مطَّلعًا على ثقافات عصره المنطقية إِذ يقول :

تَعْصِي الإِلهَ وَ أنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ

هَذَا مُحَالٌ فِي القِيَاسِ بَديعُ
لَوْ كَانَ حبُّكَ صادقًا لأطَعْتَهُ
إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحبُّ مُطيعُ



http://www.arabiforall.com

اسدی

اسدی
گروه مدیریت انجمن

http://www.arabiforall.com

یاسمن

یاسمن
شخصیت مهمیه
شخصیت مهمیه
خیلی خیلی ممنونم استاد اسدی کمک بزرگی بهم کردید.لینکهای جالبی و زیبایی بودند.

التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 83578 التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 54084 التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 772827

http://hajghasemi.persianblog.ir

نادین

نادین
عضو ممتاز
عضو ممتاز
شکرا لک یا استاذ التجدید فی الشعر العباسی(مهم مهم) 208395

مشاهده موضوع بعدي مشاهده موضوع قبلي بازگشت به بالاي صفحه  پيام [صفحه 1 از 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
شما نمي توانيد در اين بخش به موضوعها پاسخ دهيد